من موضوعاتنا:

السودان في طريق الاستقلال عن مصر وبريطانيا

استمر الاحتلال الإنجليزي للسودان، واستمرت خدمة المصريين للمحتل ودفعهم لمصروفات الاحتلال، كما كانوا خاضعين له وخادمين له ودافعين له في مصر، واستمر رفض السودانيين الواعين للاحتلال وخدمه، ويومًا بعد يوم بدأ ازدياد
السودان في طريق الاستقلال عن مصر وبريطانيا
السودان في طريق الاستقلال عن مصر وبريطانيا
 وعي السودانيين بضرورة الاستقلال والحرية، وبالتأكيد دارت في ذهنك أسئلة كثيرة عن السودان من الاحتلال إلى الاستقلال، أجبنا عليها في مجموعة مقالاتنا هذه، التي ضمها قسم تاريخ السودان وأوردنا فيه معلومات موثقة ووثائق موقعة.
أما عن موقفهم العملي- أي السودانيين- وموقف المصريين الواهمين والإنجليز المحتلين، فإننا نوضح طريق:

استقلال السودان عن مصر وبريطانيا ١٩٥٦ م

١- في سنة ١٩٢٣ م وأثناء وضع دستور مصر ١٩٢٣ م رفض الإنجليز نهائيًا وضع أي نصوص تشير إلى السودان في الدستور المصري، وأجبروا اللجنة المكلفة بوضع الدستور على حذف المواد الخاصة بالسودان من المسودة الأولية؛ وبذلك لم توضع أي مواد خاصة بالسودان في الدستور المصري وما تلاه من دساتير حتى أكتوبر ١٩٥١ م.
٢- في عام ١٩٢٤ م تم إنهاء التواجد العسكري المصري في السودان بسبب مقتل السير لي ستاك قائد عام القوات الإنجليزية في السودان، ومن بعد هذه الواقعة ظلت الحكومات المصرية تطالب بعودة الجيش المصري للسودان في معظم المفاوضات التي جرت مع بريطانيا من ١٩٢٧ م حتى تم الاتفاق على عودة عددًا من الجيش في معاهدة ١٩٣٦ م وعاد الجيش المصري بأعداد أقل من التي تواجدت في السودان من قبل، وتواجد الجيش المصري قبل وبعد كان تواجدًا شكليّا، فهو خاضع للاحتلال الإنجليزي، ويعمل وفق خطط المحتل وأهدافه، ولا يستطيع مخالفتها، أي تواجد شكلي رمزي من ناحية، وتوفيرًا على المحتل في العدد والتكاليف.
٣- في سنة ١٩٣٦ م تم توقيع معاهدة ١٩٣٦ م بين مصر وبريطانيا، واستمر وضع السودان كما عليه في اتفاقية الحكم الثنائي سنة ١٨٩٩ م، وعادت وحدات من الجيش المصري للسودان.
٤- في ١٥ أبريل ١٩٤٦ م حكومة السودان تقول: " أن هدفها هو سودان حر مستقل وأن ذلك سيتم عن طريق إقامة دعائم الحكم الذاتي للوصول للاستقلال في النهاية، والإسراع بإسناد الوظائف ذات المسؤولية للسودانيين، وعدم حسم أي قضية تخص السودان دون إشراك السودانيين " ولم توافق مصر على هذا الرأي.
٥- في ١١ يوليو ١٩٤٧ م تم عرض قضية السودان ومصر على مجلس الأمن، لكن لم يتخذ قرار حاسم فيها.
٦-٢٣ ديسمبر ١٩٤٨ بدء أعمال الجمعية التشريعية السودانية ( تشريعية ).
٧- في الأعوام من ١٩٥٠ حتى ١٩٥٢ م نشاط كبير من مصر وبريطانيا وأمريكا لحل قضية السودان، وكذلك من الفريقين السودانيين الاستقلالي والاتحادي ويجب التأكيد على أن الأخير كان يهدف إلى إلغاء الحكم الثنائي، وتشكيل حكومة سودانية ثم البحث في الوحدة وشكلها، وإلى استكمال توضيح طريق:

استقلال السودان عن مصر وبريطانيا

٨- في ١٤ ديسمبر ١٩٥٠ م الجمعية التشريعية السودانية تصدر قرار يدعو حكومتي بريطانيا ومصر لمنح السودان الحكم الذاتي في عام ١٩٥١ م.
٩- ٦ يوليو ١٩٥١ م موريسون وزير الخارجية البريطاني يقول في مجلس العموم " إن شعب السودان خطئ خطوات تؤهله لأن يكون قومية منظمة تعتمد على نفسها".
١٠- ٢٣ أبريل ١٩٥١ الجمعية التشريعية السودانية تقر قانون الحكم الذاتي الذي أصبح فيما بعد أساس اتفاقية تقرير المصير.
١١- في ١٦ نوفمبر ١٩٥١ م وزير الخارجية المصري محمد صلاح يقول من منبر الأمم المتحدة: " قبول مصر الاستفتاء لتقرير مصير السودان" ولكن رفضت حكومته التصريح.
١١- صدر في أكتوبر ١٩٥١ م القانون رقم ١٧٦ بشأن تعديل المادتين رقم ١٥٩ و ١٦٠ من دستور ١٩٢٣ وكان نصه " تجري أحكام هذا الدستور على المملكة المصرية جميعها ومع إن مصر والسودان وطنًا واحدًا يقرر نظام الحكم في السودان دستورًا خاصًا".
وصدر في نفس اليوم القانون رقم ١٧٧ لسنة ١٩٥١ م وكان بدايته " يكون للسودان دستور خاص به تعده جمعية تأسيسية .........." ونُشر القانون في الجريدة الرسمية يومي ١٦ و ١٧ أكتوبر ١٩٥١ م.
وتم في هذا التعديل الدستوري يومها إطلاق اسم ملك مصر والسودان، وكان مجرد مسمى لا قيمة له فعليًا في بلد محتلة بـ ٨٠ ألف عسكري إنجليزي، وخاضع للاحتلال في جل أموره، ولم يأخذ القانون قراره إلى التطبيق الفعلي؛ فلم تعترف به بريطانيا، ولم تسك به عملة وصار اسمًا بلا قيمة، مجرد استخدام للقلب في وسائل الإعلام لعدة شهور، اقرأ هل كان فاروق ملكًا على السودان؟
١٣- اشترطت بريطانيا في مارس ١٩٥٣ م للدخول في مفاوضات الجلاء مع حكومة ثورة يوليو، أن توافق مصر علي مبدأ حق تقرير المصير للسودان بمقتضي استفتاء.
١٤- في يوم ١٢ فبراير ١٩٥٣ م تم توقيع اتفاقية حق تقرير المصير للسودان، ووقعها عن مصر محمد نجيب وعن بريطانيا رالف ستيفنسون، وهذه الاتفاقية معدة قبل ثورة ١٩٥٢ م ولكن أُجل مناقشتها بسبب الظروف السياسية؛ مثل حريق القاهرة، وأحداث القناة، وسرعة تغيير الحكومات، ونصت الاتفاقية على تهيئة السودان لتقرير المصير خلال 3 سنوات، بحيث يتم سودنة الوظائف وانسحاب الجيشين المصري والبريطاني وانتخاب مجلس النواب وغيرها من الشروط. 
١٥- في ١٩٥٣ رفض السودانيون التأثير المصري في الانتخابات حيث دعمت مصر الاتحاديين ماليًا وإعلاميًا؛ ففازوا في الانتخابات.
١٦- في ١ مارس ١٩٥٤ م وعند زيارة محمد نجيب السودان حدثت كارثة، حين هجم ٥٠,٠٠٠ سوداني عليه و أرادوا قتله ورموه بالأحذية وقتلوا ١٠ جنود و قائد بريطاني، وقتل عشرين فردًا من المتظاهرين، وسط هتافات السودانيين: " لا مصري ولا بريطاني السودان للسوداني" " الاستقلال يا نجيب الاستقلال".
١٧- في يوم ١٩ ديسمبر ١٩٥٥ م تم الاستفتاء في مجلس النواب السوداني في جلسة رقم ٤٣ على الوحدة أم الانفصال عن مصر، فصوت النواب السودانيون بالإجماع لصالح الانفصال، وكان نص قرارهم بإعلان الاستقلال: " نعلن باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان.............." وتم إعلان الاستقلال في يوم ١ يناير ١٩٥٦ م. للتعرف على موقف جمال عبد الناصر وأحداث عامي ١٩٥٤ م و ١٩٥٥ م. الخاصة بالسودان ر مقالنا: جمال عبدالناصر واستقلال السودان.

أمور متعقلة باحتلال واستقلال السودان

كما رأينا في مقالنا الاحتلال المصري التركي للسودان أن مصر والسودان لم يكونا وطنًا واحدًا، بقى علينا أن نشير إلى:
١- مصر المحتلة من قبل الإنجليز كانت تشارك الإنجليز مشاركةً خاضعةً في إدارة شؤون السودان، وأن الوحدة لم تكن فعلية على كل المستويات.
١- المفاوضات التي كانت قبل ١٩٥٢ كان هدف الكثير منها أن تبقى السودان تحت راية التاج المصري؛ إرضاءً لملك مصر وليس إيمانا بالوحدة كهدف ومصير مثل مفاوضات الهلالي مع عبد الرحمن المهدي وحسين سري مع عبد الله خليل.
٣- لا توجد أي عملات مصرية عليها لقب مصر والسودان حتى بعد إطلاق اللقب على فاروق، ولم يستطع فاروق أو أبيه ومن قبلهما السلطان حسين كامل بزيارة السودان؛ لأن الإنجليز لم يسمحوا لهم بذلك.
٤- لم يعين وزير سوداني واحد في الحكومة المصرية، ولم ينتخب سوداني واحد في أي مجلس تشريعي مصري، وكانت الصورة الأكثر نمطية عن السودان هي العمل في أعمال رثة.
٥- ملَّ السودانيون من المحتل ومن يخدمون المحتل- الذي هو أيضُا محتل- وأردوا التخلص من المحتل وخادمه.
٦- كان السودانيون المعارضون للوحدة مع مصر كثر، وقد قاموا بالعديد من الأنشطة والمظاهرات والاحتجاجات والمنتديات الخاصة، ونظموا الأنشطة لذلك في مختلف محافلهم لاسيما الطلابية والحزبية منها، هذه الأنشطة المتنوعة التي يتفاخر بها السودانيون إلى الآن.
٧- كان هناك أيضًا من السودانيين الشماليين من يؤيد الوحدة، وقد مولتهم مصر بالملايين من الجنيهات، ورعتهم إعلاميًّا وسياسيًّا، لكنهم اختلفوا على الوحدة؛ فمنهم من يريد وحدة كاملة، ومنهم من يريد وحدة كونفدرالية، وجميعًا اتفقوا على الاستقلال أولًا.

* المراجع:
١- عصر محمد علي- عبد الحمن الرافعي-دار المعارف ١٩٨٩ م.
٢- مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال- عبد الرحمن الرافعي- النهضة المصرية- ١٩٤٨ م.
٣- في أعقاب الثورة المصرية( ١٩٤٧- ١٩٥١ م)- عبد الرحمن الرافعي- مكتبة النهضة المصرية- ١٩٥١ م.
٤- فاروق وسقوط الملكية- لطيفة محمد سالم- مكتبة مدبولي.
٥- مقدمات ثورة يوليو- عبد الرحمن الرافعي- الطبعة الثالثة- دار المعارف- ١٩٨٧ م.
3- محمد فؤاد شكري: مصر والسيادة على السودان- مؤسسة هنداوي ٢٠٢٥ م.
4- محسن محمد: مصر والسودان الانفصال بالوثائق السرية البريطانية والأمريكية- دار الشروق.
نتمنى أن نكون قد ساعدنا من يبحث عن:
الاحتلال المصري التركي للسودان.
مصر والسودان.
متى تم احتلال السودان؟
مقاومة السودانيين للاحتلال المصري التركي.
الثورة المهدية.
أفعال وتصرفات وجرائم الجيش المصري في السودان.
كيف قاوم السودانيين الاحتلال المصري التركي؟
ما أهداف محمد علي من احتلال السودان؟
الثورة المهدية ضد الاحتلال المصري التركي للسودان.
معركة كرري.
الاحتلال المصري الإنجليزي للسودان.
السودان المصري الإنجليزي.
اتفاقية السودان ١٨٩٩ م.
الثورات السودانية ضد الاحتلال المصري التركي والمصري الإنجليزي.
دستور ١٩٢٣ في مصر.
معاهدة ١٩٣٦ م والسودان.
الملك فاروق والسودان.
ملك مصر والسودان.
السودان في عهد الملك فاروق.
السودان والمملكة المصرية.
استقلال السودان.
انفصال السودان عن مصر.
استقلال السودان أم انفصال السودان؟
تاريخ السودان.
محمد نجيب والسودان.
جمال عبد الناصر والسودان.
الإخوان المسلمون في السودان.
حزب الأمة.
الإمام المهدي.
اتفاقية حق تقرير المصير للسودان.
إعلان استقلال السودان.
جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي
تعليقات