من موضوعاتنا:

الخصيان في مصر- من التاريخ الأسود لرجال الدين الأقباط

للإنسان ممارسات بشعة عبر التاريخ ضد الإنسان والحيوان والنبات والجماد ضد كل شيء في الكون؛ وقد أدت هذه البشاعات إلى أضرار مادية ومعنوية للكون وما ومن فيه، أضرار كانت ومازالت وستستمر إلى أن يرث الأرض بارئها.
الخصيان في مصر- تاريخ قبطي حزين.
الخصيان والإخصاء في مصر تاريخ مؤسف لرجال دين أقباط
سنتحدث اليوم عن أحد الفظائع التي كان يرتكبها الإنسان في الماضي ضد أخيه الإنسان، سنتحدث عن أحد الجرائم الشنيعة المريعة التي كانت تتم في مصر، ألا وهي جريمة وشنيعة " الإخصاء".
جريمة كانت تتم ضد " العبيد" لصالح السادة، ويقوم بها رجال دين أقباط، رجال دين يدعون المحبة وكل الأخلاق السامية ويدعون إليها، بينما كانوا يفعلون هذه الجريمة القذرة أحد وصمات العار لكل عاقل في وقتها.
كانت تتم هذه الجريمة رغم أنها محرمة في الدين الإسلامي، ورغم أنها غير إنسانية، ورغم أنها غير مناسبة لكي يقوم بها رجال دين يعظون الناس ويقتدي بهم الناس.
سننقل من مصدر شاهد ذلك ووصف بدقة وتحدث بتفصيل عن خطوات الإخصاء، ألا وهو انطوان كلود بك الطبيب الفرنسي الذي عمل بمصر عقود من الزمن وأسس بها أشهر كلياتها الطبية وهي كلية قصر العيني، وعملًا طبيبًا وجراحًا لمحمد علي باشا والي مصر، واقترب منه وعرف الكثير عن مصر والمصريين وسجله في كتابه الذي ننقل منه هنا.

ما هو الإخصاء؟ وما الهدف منه؟ ومن هم الخصيان؟

الإخصاء هو إزالة الخصيتين والعضو التناسلي الذكري تمامًا؛ بهدف أن يفقد المخصي ذكورته واحتياجاته الجنسية؛ لكي يعمل في خدمة النساء أو الرجال أو بين الرجال والنساء بدون أن يتأثر جنسيًّا بالقرب منهن.
والإخصاء ممارسة بشعة قديمة تعود إلى عصور سحيقة، ولا غرابة في ذلك حيث أن القسوة طالما رافقت الإنسان منذ وجوده على الأرض.
يقول انطوان كلود عن ذلك:
" يجدر بنا- وقد بلغنا إلى هذه النقطة من موضوعنا- أن نذكر شيئًا عن الخصيان الموكول إليهم حراسة الحرم ومراقبته.
فإن الخصيان هم الرجال الوحيدون الذين يجوز لهم غشيان حجرات النساء باعتبار أنهم الحراس الذين أقامهم الأزواج على عفة أزواجهم وليس ببعيد أن يراهم الإنسان في الوقت نفسه وقد اكتسبوا ثقة الأزواج والزوجات للتغرير بالفريقين وإدخال الغش عليهما.
واستخدام الخصيان يرجع إلى الأزمان القديمة في التاريخ فقد روى أن الملكة سميراميس هي التي ابتكرت خصى الرجال واقتدى بها ملوك آسيا واحتفظ اليونان في عهد دولتهم الأخيرة التي كان مقرها القسطنطينية بعادة اتخاذ الخصيان، وكان أحدهم وهو الخصى ( نرسيس أكبر قوادهم بعد ( بليزير) ورفع من شأنهم زمنا في البلاد الإيطالية".
وهناك من يرجع تاريخ الإخصاء إلى مصر الفرعونية، وقد يكون هذا تفسيرًا لصنعة وبراعة رجال دين مسيحيين أقباط في ذلك، والغالب أن شنيعة وصلت إليهم من الأسلاف الأوائل.

الإسلام يحرم الإخصاء والمسلمون يقتنون الخصيان

لقد حرم الإسلام الإخصاء واعتبره جريمة ضد الإنسان، لكن المؤسف أن المسلمين كانوا يقتنون الخصيان لا سيما طبقة الحكام فيهم؛ وتعدد الزوجات ووجود الجواري وتعدد الزوجات سبب رئيسي في ذلك، وكانت مصر أكثر بلد إسلامي يقتني فيه الأغنياء- حتى من غير طبقة الحكام- الخصيان؛ وذلك لسهولة الحصول على خصيان فيها.
يكمل انطوان حديثه عن الخصيان في مصر قائلًا: 
" ومع أن الشريعة الإسلامية تحرم الخصى (الجب) فقد عكف المسلمون عليه وبالغوا فيه، بحيث يخيل للإنسان أن هذه العادة الوحشية ملازمة لتعدد الزوجات ملازمة لا مفر منها.
وفي بلاد آسيا وأوروبا لا يفوز بامتياز الحصول على الخصيان واقتنائهم غير العظماء والأثرياء، أما في إفريقية- ولا سيما في القطر المصري- فإنهم أكثر انتشارًا لسهولة الحصول فيهما على العبيد اللائقين لعملية الجب". تعرف على النصوص الكاملة لـ كامب ديفيد ومعاهدة السلام ١٩٧٩

الإخصاء صنعة مصرية بأيدي رجال دين أقباط

كان الإخصاء صنعة مصرية تمامًا في أزمنة ما، وكان يقوم بذلك رجال دين أقباط بطريقة بشعة لا إنسانية من المفترض ألا يفعلها الإنسان فما بالنا برجال دين يتحدثون عن المحبة وعن الشفقة والرحمة وغيرها من الأخلاق الحميدة، التي من المفترض أن يتصفوا بها.
يقول انطوان كلود عن ذلك: 
" عملية الجب لا تجرى الآن في غير القطر المصري فهذا القطر أصبح المورد الذي تستورد منه الخصيان برسم حرم العظماء والأثرياء في كل مكان.
وصناعة الجب فيه رائجة رابحة يزيد في ربحها شدة الإقبال عليها وغلاء ثمن التعساء الذين تجرى عليهم تلك العملية القاسية".

أين كان يتم الإخصاء للخصيان في مصر؟

وكانت مدينة أسيوط وبالتحديد في قرية زاوية الدير وكذلك مدينة وجرجا هما مركز عملية الإخصاء البشعة الحقيرة، يواصل انطوان كلود تفصيل المعلومات التي رأها فيقول:
" ومدينتا أسيوط وجرجا هما الوحيدتان من مدائن القطر المصري اللتان تباشر تلك العملية الشائنة فيهما.
ومن كان يخطر بباله أن الموكلين بمباشرتها جماعة من المسيحيين، وأنهم من رجال الإكليروس القبطي؟ هؤلاء الناس الذي أصبحوا عارًا على الدين وخزيًا ووصمة مزرية بالإنسانية موضوع احتقار السكان في تينك المدينتين لما يترتب على الصناعة التي يباشرونها بغير رحمة ولا حياء من الجريمة في حق المروءة والإثم الغليظ ضد الإنسانية.
وقرية زاوية الدير القريبة من أسيوط عاصمة السفاكين السفاحين الذين يقومون بعملية الجب، وهم يرتكبون جرمها الشنيع على نحو ثلاثمائة شخص في كل عام ويختارون هذه الضحايا بين صغار العبيد الذين تختلف أعمارهم من ست سنوات إلى تسع وتأتى بهم قوافل الجلابة من سنار ودارفور.
ويباع هؤلاء التعساء بحسب ما يكون من حظهم في الحياة بعد إجراء العملية عليهم وبحسب المزايا المتوافرة فيهم من ١٥٠٠ قرش إلى  ٣٠٠٠". تعرف على: أسباب قوة الجنيه المصري قبل 1952

لماذا لم يمتنع من يقومون بالإخصاء من رجال الدين الأقباط

الغريب في الأمر- بالنسبة لي- أن من يقوم بذلك هم رجال دين أقباط، هل كان الأمر مفروضًا عليهم بالترهيب؟ أعتقد لا، ولو كان الأمر بالإجبار فكان الأجدر بهم أن يهربوا إلى الصحاري كمن هرب من أجدادهم من قبل ظلم واضطهاد الرومان، هل كان الأمر مرتبط بمكاسب مادية لرجال الدين الأقباط؟ أعتقد ذلك؛ حيث وجود عادي مادي من تفردهم بصنعة نادرة- وإن كانت حقيرة- على مستوى العالم، والأمر يبدو أنه كان متوارثًا فيما بينهم.
وأرى أنه مهما كانت الأسباب فكان الأشرف لهم ومنهم أن يترفعوا عن سفك حياة أطفال صغار لا حول لهم ولا قوة، وألا يدنسوا مكانتهم بين من يتبعونهم بتلك الجريمة البشعة.
لا محبة في ذلك ولا شفقة ولا رحمة ولا أي عاطفة إيجابية أو خلق إنساني، تلك جريمة لا يفعلها أسوياء. اقرأ: هل كان جمال عبد الناصر ضد الدين؟

متى وكيف كان يتم الإخصاء في مصر؟

حكى انطوان كلود عن مواعيد وخطوات عملية الإخصاء الشنيعة في مصر وقال:
" تعمل هذه العملية عادة في فصل الخريف باعتبار أنه أوفق فصول السنة لنجاحها.
ولا يقتصر القائمون بها على بتر عضو التذكير وحده بل يبترون بالموسى جميع الأجزاء البارزة المرتبطة به، ثم يصبون في الحال على مكان البتر شيئًا من الزيت المغلي ويركبون أنبوبة في الجزء الباقي من مجرى البول، وبعد إلقاء الزيت يلقون على مكان الجرح مسحوق الحناء ثم يدفنون الفتى المعذب على هذا المثال في الأرض إلى ما فوق البطن وبعد أن يتركوه في هذه الحالة أربعة وعشرين ساعة يستخرجونه من التراب ويدهنون مكان الجرح منه بعجينة من طين الابليز والزيت.
إذا كانت ثمة جريمة نحسب أن الهيئة الاجتماعية بأسرها قد اشتركت في ارتكابها، وأن لا جريمة تفوقها فظاعة وشناعة فإنما هي عادة اتخاذ الخصيان وبقاء هذه العادة حتى الآن...
ولقد حمل كبار الفلاسفة والمفكرين وبعض رجال الحكومات العاملين في أيامنا هذه الحملة الشعواء على الاسترقاق وها نحن أولاء نرى أوربا تسير سيرًا حثيثا في الطريق المؤدى إلى إلغائه، ولكن عادة اتخاذ الخصيان فضيحة كبرى للطبيعة وهتك مخز الأستار النواميس الطبيعية والخلقية.
والغريب مع هذا أنني لا أعلم أن بين الشعوب التي تتولى زعامة الحضارة العصرية من
استجمعوا قواتهم وجهودهم لمكافحة عادة اتخاذ الخصيان".
إن هذه التفاصيل مقززة شنيعة ومؤسفة وقاسية ووحشية يفعلها بشر في بشر مثلهم  بيد بشر يدعون الأخلاق الفاضلة، أيفعل كل ذلك من أجل خدمة النساء ومرافقتهن، ولم لا تقوم بذلك نساء مثلهن؟!!، أيقوم بذلك رجال دين من أجل دنانير دنيئة ومصالح وضيعة؟!!

الدعوة إلى منع الإخصاء في مصر

" وتداخل أوربا اليوم في شئون الدولة العثمانية ذلك التداخل الذي أصابها ببالغ الضرر من جراء ضغطها عليها بأثقال المصالح السياسية والمرافق الاقتصادية المختلفة كان يمكن أن يكون نافعًا ومجديًا وجديرًا بثناء الإنسانية وشكرها لو كان الغرض منه إدخال الإصلاحات المطابقة لروح الحضارة والمدنية لا التي يقصد بها تحقيق تلك الأغراض السياسية.
وليس من بين هذه الإصلاحات ما هو أوجب للحمد والثناء كمنع الجب واتخاذ الخصيان.. وأتمنى صونًا لكرامة أوربا وشرفها ووقاية لمجدها أن تفكر حكوماتها في الحصول على هذا الإلغاء من سلطان تركيا ووالى مصر وإني لموقن أنه يكفى لتحقيق هذه الأمنية الشريفة أن تعرب تلك الحكومات لهما عن مقاصدها الخيرية نحو الإنسانية المعذبة لترى منهما الإقبال السريع على إجابة مطالبها، وها هو محمد على المعروف بالمسارعة إلى اتباع النصائح النافعة والمشورات النبيلة لن يتوانى في العمل بهذه النصائح وبذا لا تصبح مصر ميدانًا لجريمة لا يسع هذا الجيل بعد الآن أن يتهاون في أمرها أو يتغاضى عنها". اقرأ: الاحتلال المصري التركي للسودان
وفي نهاية هذا المقال نتمنى أن نكون قد أجبنا المهتمين عن أسئلة مثل:
ما هو الإخصاء؟
ولماذا كان يتم الإخصاء؟
من هم الخصيان؟
من كان يقوم بالإخصاء؟
لماذا كانت مصر مركزًا للقيام بالإخصاء؟
أين كان يتم الإخصاء في مصر؟
ما أسباب كثرة انتقاء الخصيان في مصر؟
متى كان يتم الإخصاء؟
لماذا من يقوم بالإخصاء هم رجال دين أقباط؟
كيف كان يتم الإخصاء؟ وما هي خطواته؟
المصدر:
لمحة عامة عن مصر- انطوان بارتملي كلود- دار الكتب والوثائق القومية- طبعة 2011.
جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي
تعليقات