من موضوعاتنا:

وثيقة التنازل عن العرش التي لم يوقعها الملك فاروق

 يعرف المهتمون بالتاريخ والقارئون له وثيقة التنازل عن العرش التي وقعها الملك فاروق في 26 يوليو 1952 م؛ نص الوثيقة، كيفية صياغتها، كيفية تسليمها للملك فاروق، وما حدث أثناء توقيعها، ورد فعل الملك فاروق وحالته قبل
وثيقة التنازل عن العرش التي لم يوقعها الملك فاروق
وثيقة التنازل عن العرش التي لم يوقعها الملك فاروق
وأثناء وبعد التوقيع وهي الوثيقة المشهورة والمعروفة والمنشورة.
 لكن هناك وثيقة تنازل عن العرش لم يوقعها الملك فاروق، وهي الوثيقة التي قدمها له السفير البريطاني في مصر السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) في 4 فبراير 1942 م، وهي الوثيقة التي أعدها مايز لامبسون مع وثيقة أخرى إعلانًا لفاروق وتهديدًا له في حال ظل متمسكًا بموقفه.

أسباب حادث 4 فبراير 1942 م

وقد كانت أسباب حادث 4 فبراير 1942 م  تتمثل في أن الحرب العالمية دائرة على أشدها والأوضاع الداخلية المصرية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية غير مستقرة؛ وهذا يؤثر على ضروريات عمل جيوش الحلفاء في مصر، ورغبة الحكومة البريطانية في وجود حكومة مصرية مستقلة مسيطرة على أمور البلاد وخاضعة للإنجليز، بدلًا من وجود حكومات ضعيفة من الأقلية وغير مستقرة وتبحث عن التحالف مع دول المحور ومستعدة للعمل معهم وتسهيل سيطرتهم على مصر، وقد حكى لامبسون في مذكراته تفاصيل حادث 4 فبراير، وماذا حدث في 4 فبراير، وكيف كان رد الملك فاروق، ونتائج ذلك على الملك فاروق وعلى مصر وبريطانيا، يمكنك الاطلاع على تفاصيل حادث 4 فبراير كما رواه مايز لامبسون ( اللود كليرن) في مذكراته.
وقد رواغ الملك فاروق كثيرًا في تنصيب حكومة وفدية برئاسة النحاس، وحاول كثيرًا تجنب أن يأت النحاس رئيسًا لوزراء مصر، إلا أن الإنجليز ومع تزايد المخاطر عليهم من دول المحور؛ قرروا ألا حكومة بدون رئاسة مصطفى النحاس؛ لأنهم يثقون في النحاس وفي قدراته على تحقيق الحد الأدنى من الاستقلال اللازم لعمل قوات التحالف والحكومة الإنجليزية في مصر.
ولما حاول الملك فاروق التملص من الإتيان بمصطفى النحاس رئيسًا للوزراء؛ قرر السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) السفير الإنجليزي في مصر إجبار فاروق على الإتيان بالنحاس رئيسًا للوزراء، وذلك بعد اتصالات كثيرة في هذا الأمر، شارك فيها أمين عثمان وأحمد حسنين ومسؤولون بريطانيون.
سنعرف في مقالنا هذا كيف قدمت وثيقة التنازل عن العرش في سنة 1942؟ ومن قدم الوثيقة لفاروق؟ وكيف كان رد الملك فاروق عندما قدمت له وثيقة التنازل عن العرش؟ وكيف تراجع الملك عن التوقيع في اللحظات الأخير؟ وما دور أحمد حسنين في عدم توقيع الملك للوثيقة؟
سنجيب عن هذا الأسئلة من واقع مذكرات السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) حيث كان يكتب يومياته، ومراسلاته مع وزارة الخارجية البريطانية.

رسالة مايز لامبسون للملك فاروق صباح 4 فبراير 1942 م

وجه لامبسون رسالة للملك لفاروق في ظهر يوم 4 فبراير 1942 م، وذلك عن طريق استدعاء أحمد حسنين- رائد الملك فاروق، ورئيس الديوان الملكي، وعشيق الملكة نازلي- إلى مقر السفير، وألقى السير مايز لامبسون عليه نص الإنذار، وسجله أحمد حسنين، ثم توجه به إلى قصر عابدين؛ لإبلاغ الملك فاروق.
 وكان نص الإنذار الي وجه السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) السفير الإنجليزي في مصر إلى الملك فاروق في 4 فبراير 1942م:
" أنه منذ زمن طويل كان واضحًا أن جلالتك قد تأثر بمجموعة المستشارين المحبطين بك، والذين لم يكونوا مخلصين فقط بالنسبة مع بريطانيا بل أكثر من هذا أنهم يعملون ضد هذا التحالف، ومن ثم فانهم يساعدون العدو، والموقف العام وكذلك مدى تعاون وتشجيع جلالتك لهم مما يناقض المادة الخامسة من معاهدة التحالف، والتي بمقتضاها تتعهد كل الأحزاب المتعاهدة بألا يتخذوا موقفًا معاديًا بالنسبة للبلاد الأجنبية، ويكون متعارضًا مع الحلف.
وبالإضافة إلى ذلك فإن جلالتك قد أحدثت أزمة خطيرة بطريقة طائشة وغير ضرورية كرد فعل للقرار الذي اتخذته الحكومة المصرية السابقة استجابة للطلب الذي تقدم به الحليف (إنجلترا ) والذي نصت عليه المادة الخامسة من المعاهدة.
وفى النهاية فان كل المحاولات التي جرت لتشكيل حكومة ائتلافية قد باءت بالفشل، وإذا رفضتم أن تعهدوا بأمر تشكيل الحكومة إلى زعيم حزب الأغلبية في البلاد ( النحاس ) على الرغم أنه يتمتع بمكانة خاصة تجعله قادرًا على ضمان استمرار تطبيق
ومثل هذا التهور والطيش، وعدم تقدير المسئولية يعرض أمن وأمان مصر للخطر وكذلك القوات الحليفة الموجودة بالعاصمة، ويؤكد الجميع بأن جلالتك لم تعد جديرًا باستمرارك على العرش .. ». 

وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش 4 فبراير 1942 م

وفي تمام الساعة التاسعة يوم 4 فبراير 1942 م وصل السير مايز لامبسون إلى قصر عابدين ومعه مجموعة من نخبة العساكر الإنجليز، واقتحم مكتب الملك فاروق وقدم له وثيقة التنازل عن العرش، وهم الملك فاروق بتوقيعها إلا أن أحمد حسنين حدثه بالعربية وطلب منه عدم توقيعها، ولم يوقع الملك فاروق الوثيقة في اللحظات الأخيرة بعد تناول قلمه واستعداده للتوقيع، ووافق فاروق على تشكيل مصطفى النحاس لوزارة وفدية؛ لينتهي يوم 4 فبراير بكسر الملك فاروق وإذلاله وبقائه على عرش مصر حتى 1952 م.
وكان نص خطاب التنازل عن العرش الموجه للملك فاروق في 4 فبراير 1942 م كالآتي:
" نحن فاروق ملك مصر، تقديرًا منا دومًا لمصالح دولتنا، فإني بموجب هذا أتخلى وأتنازل بالنيابة عن أنفسنا وورثتي عن عرش مملكة مصر، وعن جميع حقوق السيادة والامتيازات والصلاحيات في المملكة المذكورة وبشأن رعاياها، وأننا نعفى رعايانا من ولائهم لشخصنا.
 صدر في قصر عابدين في الرابع من فبراير 1942 ".
شاء الله ألا يوقع فاروق وثيقة التنازل عن العرش في اللحظات الأخيرة، ولو وقع لتغيرت مصر وأحوالها بكل تأكيد، لكنه ظل حتى وقع الوثيقة الأخيرة التي قدمت له هذه المرة من ضابط مصري لا سفير بريطاني؛ ليتغير بذلك وضع مصر وحالها.
* المراجع:
مذكرات اللورد كليرن- الجزء الثاني- ترجمة الدكتور عبد الرءوف أحمد عمرو- الهيئة المصرية العامة للكتاب. نزلوا هذه المذكرات برابط مباشر ومجاني وسريع من هنا.
جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي
تعليقات