من موضوعاتنا:

حادث 4 فبراير ضد الملك فاروق كما رواه بطله اللورد كليرن

يعتبر حادث 4 فبراير 1942 م حدثًا مفصليًّا في الحياة السياسية المصرية؛ أثر في شخص الملك فاروق وهيبته، وفي شخص مصطفى النحاس، وفي مكانة حزب الوفد ودوره في الحياة السياسية المصرية، وعلى الشخصيات السياسية المصرية التي شاركت
حادث 4 فبراير 1942 لعزل الملك فاروق كما رواه اللورد كليرن
حادث 4 فبراير 1942 لعزل الملك فاروق كما رواه اللورد كليرن
فيما حدث مثل أمين عثمان- الذي قًتل فيما بعد بسبب مشاركته هذه وكان ممن اغتلوه أنور السادات- وأحمد حسنين وغيرهم.
كان بطل حادث 4 فبراير 1942 م ومخططه ومنفذه هو السفير الإنجليزي في مصر هو السير مايز لامبسون اللورد كليرن فيما بعد، هذا الرجل الذي كان يتحكم في الحياة السياسية المصرية برغم الادعاء أن مصر دولة مستقلة بحكم  تصريح 28 فبراير 1922 م وبحكم معاهدة 1936 م، لكنه تحكمه وصل هذه المرة ضد الملك فاروق كان مختلفًا ومؤثرًا وكبيرًا.

الرواية الأكثر مصداقية لحادث 4 فبراير 1942 م

 لقد كتب عن حادث 4 فبراير 1942 م وتفاصيله وأحداثه ونتائجه الكثير من المؤرخين والسياسيين، لكننا هنا نطرح ما كتب بطل الحادث وأهم شخصياته- أي السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) في مذكراته اقرأ مذكرات اللورد كليرن والتي تبين الكثير من تاريخ مصر في الفترة من 1935 حتى 1946 م، والتي ترجمها للعربية الدكتور عبد الرءوف أحمد عمرو، وكان لامبسون يكتب يومياته يومًا بعد يوم، وضمن في مذكراته تقاريره ومراسلاته مع الخارجية البريطانية وغيرها من الجهات.
سنعرض ما كتبه كليرن في مذكراته بدون تدخل منا، وذلك بدءًا من يوم 4 فبراير 1942 م حتى يوم 5 فبراير 1942 م، وقد كتب السير مايز لامبسون ما حدث في تلك الأيام بالتفصيل، كما ضمن في مذكراته التقرير الذي كتبه للخارجية البريطانية عن يوم 4 فبراير 1942 م.
حكى لامبسون بالتفاصيل أسباب ونتائج وتفاصيل حادث 4 فبراير 1942، ماذا فعل الإنجليز في ذلك اليوم؟ ماذا فعل الملك فاروق وماذا كان رد فعله يوم 4 فبراير؟ كيف ولماذا لم يوقع الملك فاروق وثيقة التنازل عن العرش، ودور أحمد حسنين في ذلك؟ ماذا استفاد الإنجليز من حادث 4 فبراير؟ وكيف وظفوه لصالحهم؟
سنعرض ما كتبه لامبسون عن يوم 4 فبراير، لكن سؤال: ما هي نتائج حادث 4 فبراير على الملك فاروق ومصطفى النحاس وحزب الوفد والحياة السياسية المصرية ومصر عمومًا؟ فيحتاج المزيد والكثير من المقالات؟
فإلى نص ما كتبه السير مايز لامبسون ( اللورد كليرن) في مذكراته عن حادث 4 فبراير 1942 م، ونوضح أن العنوانين المميزين بالأصفر إضافة فنية خاصة بالمقال ولم يكتبها كليرن في مقاله: 

تفاصيل حادث 4 فبراير 1942 م في مذكرات اللورد كليرن

" الأربعاء ٤ فبراير، القاهرة:
وفى الصباح الباكر، وبينما كنت أحاول أن أفتح عيناي المنتفخة سمعت هنري هوبكنسون وصل ويلح في طلب مقابلتي على وجه السرعة، وصعد إلى غرفة نومي ليخبرني بأن حسنين طلبه تليفونيًّا، وطلب منى ضرورة مقابلتك على وجه السرعة ليناقش معي الخطة التي سوف أنتهجها لمواجهة هذه الأزمة.
وقد أخبرت هنري بأني غير موافق على مقابلته لحسنين تحت أي ظروف أو على أقل تقدير لست مستعدًا للإذعان في مقابلة حسنين لأوليفر ليتليتون خاصة بعد أن وصلنا إلى اتفاق تام.
ركبنا السيارة لتنطلق بنا إلى مقر اجتماع مجلس دفاع الشرق الأوسط والمقرر عقده في تمام الساعة 10 صباحًا، وفى طريقنا إلى مقر المجلس قلت لهنري أن هناك وسيلتين لمواجهة مثل هذه الأزمة:
الأولى: أن نكون حازمين الى أبعد حد، وهذا ما فعلته، وأن نحبط أي محاولة للتملص أو المناورة معنا بأي صورة.
الأخرى: أن يلتزم هو، وجميع المسئولين البريطانيين المعنيين بحيث نتوخى جميعًا أعلى درجات الوضوح والصراحة، ولست مستعدًا في الاستمرار في المساومة أو التسويف، وإني مصمم على خلعه من العرش، لدرجة أن هنري هوبكنسون انزعج حين سماعه هذا القرار، ولكن أعتقد أن هذا أمرًا مطلوبًا.
وحينما وصلنا الى ١٠ شارع الطلمبات وجدنا الأعضاء الآخرين مجتمعين وقبل أن يبدأ الاجتماع أخبرت أوليفر ليتيليتون:
بأني قد اعترضت بشدة على مقابلة هنري لحسنين، ومناقشته في الأمر، وقال أوليفر أنه يوافق تماما على وجهة نظري وكان شيئًا لم يكن.
ثم اجتمع مجلس دفاع الشرق الأوسط للنظر في جدول الأعمال، وعندما تعرضنا لموضوع الشئون الخارجية، شرحت إلى المجلس تطور الأحداث الجارية، وكنت أرغب في استطلاع وجهات نظرهم في حالة إعطاء فرصة أخرى للنحاس ليقابل الملك، ولقد كانت المناقشة مفيدة للغاية، ووافق الجميع على أن أقابل حسنين فورًا ( وقد حددت موعدًا لذلك بالتليفون وأبلغته بهذه الرسالة الشفوية) وهي:
" ما لم أسمع قبل الساعة ٦ مساء اليوم بأنه تم تكليف النحاس بتشكيل الحكومة، فإن جلالة الملك فاروق عليه أن يتحمل تبعات ذلك".
ثم ناقشنا بعد ذلك بعض التفصيلات الأخرى، وقد وافق المجتمعون بأن جلالته ما لم يذعن وينفذ هذا الانذار قبل الساعة ٦ مساءً فإن القوات البريطانية ستتحرك لاتخاذ مواقعها المحددة، وعند هذا الحد من النقاش كُلف الجنرال ستون بالتعليمات اللازمة ولكي نعطى له فسحة كافية من الوقت، فقد حددنا الساعة 8 مساءً لكي أنزل أنا وستون وبعض المرافقين متجهين الى القصر، وعندئذ نخبر الملك بأنه يجب أن يقدم تنازله عن العرش.
ومن أجل أن نمنع حدوث أي اضطرابات أخرى تعوق تنفيذ مهمتنا فإن بعض الحراس سوف يرافقوننا إلى داخل القصر، وقد ناقشنا كل الاحتمالات والحبل التالية والمتوقع حدوثها، وكانت خطتنا واضحة، بأننا سوف نأخذ الملك معنا بعيدًا، سواء تنازل عن العرش أو لم يتنازل، مع ملاحظة أن وثيقة التنازل عن العرش جاهزة في جيبي.
ولقد كان هناك نقاش طويل لاتخاذ الترتيبات اللازمة عما يمكن أن نفعله مع الملك، وكان الأدميرال قد اقترح بأن " نضع الملك في مدمرة حربية والتحفظ عليه، وهو أنسب مكان له".
وبعد أن تم بحث كل الترتيبات العسكرية المحتملة لمواجهة الموقف لهذا رأيت أن انصرف بعد أن كلفت قائد الشرطة مبتز باتريك لكي يتخذ استعدادات الشرطة للتدخل عندما يحدث أي احتكاك مع الجنرال ستون، كما ارسلت إلى الجنرال برلى لكي يتعاون مع الجنرال ولتر مونكتون ( إذ لا يوجد شخص أفضل منه قدم لنا تصوره عن تنازل الملك عن العرش  كما أنه أعد وثيقة محكمة للتنازل التي ينبغي إن أطلب من الملك فاروق أن يوقعها متنازلًا عن العرش).
وعدنا إلى السفارة حيث استدعيت حسنين في الساعة ۱۲٫۳۰ بعد الظهر، وكانت المقابلة لفترة قصيرة جدًا، وقرأت على مسامعه بياني الذي سجل منه نسخة له.
وقلت له: أنه ليس لدى الكثير لأضيفه ماعدا أنني كنت آمل أن يمارس ضغطه على الملك فاروق، وبأننا هذه المرة نظهر الضوء الأحمر بكل جدبة، وبكل التأكيد على طلبي هذا، ورجوته أن يحذر الملك فاروق بأني أتوقع ردًا منه يتضمن معلومات، بأنه قد استدعى النحاس قبل الساعة ٦ مساءً، وإلا ستحدث أشياء ليست في الحسبان.
والخطوة التالية كان يجب علينا أن نتأكد تمامًا بأن النحاس الذي يصعب دائمًا معرفة خط سیره؛ يكون جاهزًا بعد ظهر هذا اليوم للاستدعاء إلى القصر وفي هذا الوقت كان من الصعب علي عادة أن أعثر على أمين عثمان، ولكن أخيرًا تمكنت من لقائه بدار السفارة في تمام الساعة الواحدة بعد الظهر، وقد أخبرته بما قلته لحسنين وقلت له: أن من الأمور الأساسية أن يكون النحاس جاهزًا، وطلبت منه أن يبلغ النحاس نص الكلمات التي قلتها لحسنين وآمل ألا يلجأ النحاس لأي طلبات ملتوية يتنصل بها من الموقف؟
وقال أمين عثمان: لن يحدث شيئًا من هذا القبيل، بل إن النحاس يطلب ألا يحدث أي تراجع أو مراوغة في موقفنا نحن، وقد أكد أمين للنحاس بأننا على أهبة الاستعداد لهذا الموقف، وأضاف أمين بقوله: أن مكرم استدعى إلى القصر، وقلت له: بأنى أمل بألا يلجأ مكرم إلى اتخاذ أي موقف ملتو لا نرضاه نحن قبل لحظة الصفر بالنسبة لنا وهى الساعة ٦ مساءً، وألا يحدث أي ليس في هذا الميعاد المحدد.
ولقد غادر أمين دار السفارة على موعد منه بأن يذهب فورًا وعلى وجه السرعة إلى مقابلة النحاس، ويكون على اتصال به حتى الميعاد المحدد بعد الظهر، وهي الساعة ٦ مساءً.
واستكمالًا لتسجيل الموقف فقد تلقيت برقية أخرى من وزارة الخارجية بلندن في وقت متأخر من الليلة الماضية، وقد أكدت لي شخصية هامة بأنهم في الوزارة يطلبون منى أن انتهز هذه الفرصة لحسم هذه المشكلة بالتعامل مع الملك بشكل مباشر بدلًا من التعامل معه- فيما بعدـ من خلال رئيس وزراء آخر، وقرأت هذه البرقية على مجلس الدفاع عن الشرق الأوسط أثناء انعقاده صباح اليوم.
وقبل تناول طعام الغداء وصلتني المعلومات التالية:
مظاهرات الطلبة في الجامعة، وهم يرددون هتافات معادية لنا " يحيا فاروق ويسقط الإنجليز" " يعيش روميل".
كما وصلني تقرير آخر من جرافتي سميث بأن الطلبة في الزقازيق تظاهروا وقد حطموا الحوانيت، ويعتدون على الاشخاص الذين يعتقدون أنهم عملاء للإنجليز، ونسيت أن أذكر بأني تناولت طعام الغداء مع كل من: ألفريد، السيدة دينا دوف كوبر، جنرال سیر کلود، وقيادات الضباط العظام: مستر جنرال دی جیوری، مسز نوال، بیتی، سونيك رايت.
وانتهزت هذه الفرصة لكى أعطى  كذلك التقارير عن مظاهرات الطلبة وكذلك الاضطرابات التي عمت أرجاء الدولة صباح اليوم.
وفي مساء هذا اليوم كنا جميعا مشغولين بكثير من التفصيلات لاتخاذ الترتيبات اللازمة تحسبًا لما قد يحدث في حالة رفض الملك فاروق تنفيذ الإنذار الذى ينتهى قبل الساعة ٦ مساءً.
وبينما كانت الاتصالات ماتزال جارية، وإذ بأمين عثمان يخبرني بأن النحاس باشا قد علم من القصر أن الملك يقوم بحزم حقائبه الآن، وأنه تم استدعاء النحاس إلى القصر مساء اليوم، ولقد سرت إشاعة من الملك بأنه سوف يقوم بالهروب، يخيل إلى أن هذا أمر يكفي بأن أذهب مع استون لمقابلة أوليفر ليتليتون وكذلك قادة الوحدات الذين كانوا مجتمعين في مقر مجلس الدفاع من الشرق الأوسط.
وقررنا جميعًا بأننا نضع كل مطارات القاهرة تحت المراقبة، وكذلك إغلاق كل منافذ القاهرة، ويجب علينا أن نؤمن حياة الملك بالتحفظ عليه في مكان ما، وإذا ما حاول الهروب فإنه سوف يعرض حياته للخطر.
وفي تمام الساعة ٤٥ره مساءً- ولا أمل في وصول أي معلومات من القصر- فقد أرسلت برقية الى وزارة الخارجية بلندن؛ شرحت فيها الترتيبات التي صمننا على اتخاذها في حالة تمسك الملك بموقفه، وفي هذه الحالة يجب خلعه عن العرش دون تردد.
وحتى هذا الوقت فإنه جدير بنا أن نسجل أحداث هذا اليوم بأنه بالرغم من أن لدي مطلق الحرية لاتخاذ كافة الإجراءات تجاه هذا الموقف وأن اتخذ القرار القاطع بإجبار الملك على التنازل عن عرشه أو خلعه وعلى هذا قررنا أن نذهب الآن الى القصر برغم كل ذلك.
وفي تمام الساعة ٦ مساءً دق جرس التليفون ليبلغني تيمور بك بأن حسنين سوف يكون في السفارة الساعة ٦,١٥ مساء وقد وصل على الفور حاملًا إليًّ هذه الرسالة: 
" عند استلام الإنذار البريطاني، فإن الملك استدعى الأشخاص المذكورين في القائمة المرفقة ( وهي تشمل كل رؤساء الأحزاب بما في ذلك النحاس شخصيًّا ) وذلك لمقابلته، وبعد مناقشة مضمون الإنذار البريطاني جاء القرار التالي:
إنهم يرون أن الانذار البريطاني يعد خرقًا للمعاهدة المصرية، كما يعد انتهاكًا لاستقلال البلاد؛ ولهذا السبب، وبناء على رأيهم فإن جلالته لا يستطيع أن يوافق على عمل من شأنه أن يؤدى إلى خرق المعاهدة الإنجليزية- المصرية ولسيادة البلاد".
ولقد أخبرت حسنين أن هذا يعتبر أمرًا غاية في الخطورة وأنه ينبغي عليًّ أن أصل إلى القصر في الساعة 9 مساءَ لمقابلة الملك ما لم أبلغه حتى ذلك الوقت بالعدول عن موقفي.
ليتلتون وسألته: كيف وضح النحاس وجهة نظرنا؟ وهو الذي ورد اسمه في القرار الذى جاء إليًّ في الرسالة التي حملها حسنين، وهو تكوين حكومة من كل الأحزاب بما في ذلك حزب الوفد.
ووجهت حديثي إلى أمين عثمان قائلًا: هل ما أزال أثق في النحاس إذا ما أقدمت على تنفيذ ما عقدت العزم عليه؟
ولكن أمين عثمان أكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن النحاس مازال وسيزال متمسكًا بموقفه لا يحيد عنه، وأن كان من المحتمل أن يسعى الملك ليكسبه إلى جانبه في مثل هذا الموقف، وعندما عدت مرة أخرى إلى قاعة الاجتماعات وافقت على إعداد مسودتين:
الأولى: الإعلان الذي ينبغي أن أقرأه على الملك إذا ما ظل متمسكًا بموقفه.
والثانية: نص وثيقة التنازل عن العرش، والتي يتحتم أن أضعها أمامه لكي يوقعها مرغمًا.
وأعتقد أن هاتين الوثيقتين هامتان من الناحية التاريخية.
وجاء نص الوثيقة الأولى كالآتي:
" أنه منذ زمن طويل كان واضحًا أن جلالتك قد تأثر بمجموعة المستشارين المحبطين بك، والذين لم يكونوا مخلصين فقط بالنسبة مع بريطانيا بل أكثر من هذا أنهم يعملون ضد هذا التحالف، ومن ثم فانهم يساعدون العدو، والموقف العام للتحالف، وتشجيع جلالتك لهم مما يناقض المادة الخامسة من معاهدة التحالف، والتي بمقتضاها تتعهد كل الأحزاب المتعاهدة بألا يتخذوا موقفًا معاديًا بالنسبة للبلاد الأجنبية، ويكون متعارضًا مع الحلف.
وبالإضافة إلى ذلك فإن جلالتك قد أحدثت أزمة خطيرة بطريقة طائشة وغير ضرورية كرد فعل للقرار الذي اتخذته الحكومة المصرية السابقة استجابة للطلب الذي تقدم به الحليف (إنجلترا ) والذي نصت عليه المادة الخامسة من المعاهدة.
وفي النهاية فإن كل المحاولات التي جرت لتشكيل حكومة ائتلافية قد باءت بالفشل، وإذا رفضتم أن تعهدوا بأمر تشكيل الحكومة إلى زعيم حزب الأغلبية في البلاد ( النحاس ) على الرغم أنه يتمتع بمكانة خاصة تجعله قادرًا على ضمان استمرار تطبيق روح المعاهدة والصداقة كما يجب.
ومثل هذا التهور والطيش، وعدم تقدير المسئولية يعرض أمن وأمان مصر للخطر وكذلك القوات الحليفة الموجودة بالعاصمة، ويؤكد الجميع بأن جلالتك لم تعد جديرًا باستمرارك على العرش ..".

وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش في 4 فبراير 1942 م

وكان نص خطاب التنازل عن العرش كالآتي:
" نحن فاروق ملك مصر، تقديرًا منا دومًا لمصالح دولتنا، فإني بموجب هذا أتخلى وأتنازل بالنيابة عن أنفسنا وورثتي عن عرش مملكة مصر، وعن جميع حقوق السيادة والامتيازات والصلاحيات في المملكة المذكورة وبشأن رعاياها، وأننا نعفى رعايانا من ولائهم لشخصنا.
صدر في قصر عابدين في الرابع من فبراير 1942".
ولقد وجدت أمين عثمان وقابلته لآخر مرة، وأخبرني أثناء حضور أوليفر ليتليتون بأننا يمكن أن تتخذ الخطوة التالية:
1- النحاس سوف يقوم بتشكيل حكومة وفدية؛ إذا ما تم استدعاء الملك فاروق له وتكليفه بذلك مباشرة.
2- إذا ما وافق الملك فاروق على هذا؛ فإن النحاس سوف يكون مستعدًا فورًا لتنفيذ هذا الرأي.
وعند هذا الحد من تطور الأحداث والمواقف، اقترب الميعاد المحدد وأصبح الوقت متأخرًا، وكانت الأحداث كلها تجرى بسرعة لصالحنا، ولهذا فقد اقترحت على أوليفر ليتليتون بأن يظل هو ومدام مویرا لتناول العشاء الساعة الثامنة مساء.
ومما لا شك فيه في هذا الوقت سوف تجرى أحداث جسام وأوضح نقطة هامة هنا، هو أن أوليفر ليتليتون كان قد تأثر كثيرًا عندما وجد من بين الأسماء الموقعة على القرار اسم النحاس في المذكرة التي حملها الى حسنين صباح اليوم، ومن جديد أنار وجهة نظره في هذا الموقف، ثم ذهب بعد ذلك في صباح هذا اليوم إلى اجتماع مجلس الدفاع عن الشرق الأوسط، وقد قامت فرقة الموسيقى بتأدية التحية العسكرية له كالعادة.
وكانت وجهة نظره التي أثارها في الساعة 8 مساء أثناء العشاء بقوله: « إذا ما وافق الملك فاروق- نزولًا لرغبتنا على استدعاء النحاس؛ عندئذ هل من العدل أن أجبره على التنازل عن العرش؟

تقرير اللورد كليرن عن حادث 4 فبراير 1942 ضد الملك فاروق

التقرير
فبراير ١٩٤٢، القاهرة:
1- سأكون حريصًا على أن أعطيك تقريرًا كاملًا عن الأحداث التي جرت في مساء هذا اليوم وهذه الأحداث جديرة بالتسجيل كاملة.
2- في تمام الساعة 9 مساء وصلت الى القصر وبصحبتي الجنرال ستون بالإضافة إلى مجموعة خاصة منتقاة من الضباط الأقوياء العسكر بين المسلحين تسليحًا كاملًا، وفي الطريق مررنا بين صفوف متراصة من القوات المسلحة، والذين أحاطوا بكل الطرق المؤدية إلى القصر، وكذلك أحاطوا بالقصر من كل جانب، وهذا القصر يذكرني مدخله بمحكمة شاسرلبن، وقد استقبلنا مدير المراسيم عند مدخل القصر، إن هذا الوصول المهيب كان له تأثير سريع، إذ بينما نحن نصعد سلم القصر إلى الطابق العلوى كنت أسمع هدير الدبابات وهي تتحرك لتأخذ مواقعها، وكذلك أسمع أزيز السيارات المصفحة، وهي تأخذ مواقعها حول القصر لإحكام مواقعها والسيطرة على مداخل ومخارج القصر، ولا شك أن هذه الصورة كانت مناسبة تمامًا لتطور الأحداث بعد قليل.
3- ونتيجة لهذا فقد مرت خمسة دقائق تأخير قبل استدعائي إلى مكتب الملك، ولم أكن مستعدًا للانتظار أكثر من هذا عندما دعيت للدخول؛ الأمر الذي جعلني اندفع إلى حجرة الملك، وقد حاول رئيس التشريفات الملكية منع الجنرال ستون من الدخول معي ولكني أزحته من طريقي، ودخلنا على الملك وسط ضجيج وهياج.
4- وقد انزعج الملك فاروق، واقترح بأن يظل حسنين باشا برفقتهم، وقد وافقته على ذلك.
5- وبدون مقدمات دخلت في الموضوع الذي من أجله حضرت الآن قائلا:
" لقد حددت الساعة ٦ مساءً بالإجابة ( بنعم أو لا) على رسالتي التي وصلت إليك في هذا الصباح وبدلًا من ذلك فإن حسنين باشا قد أبلغني بأنه أحضر لي الساعة ٦,١٥ مساءً معلومات لم أوافق عليها بطبيعة الحال.
وإني أريد اجابة الآن، وهنا وبدون مراوغة أكثر من هذا، عما إذا كان الرد بالنفي، غير أن الملك فاروق سعى إلى المجادلة في أمور لفظية (وردت في نص الانذار ) . ومن ثم لم أترك له فرصة الحديث قائلًا- مع رفع صوتي بغضب وحدة- بأن الأحداث
غاية في الخطورة وأنا أعتبر ذلك ردًا بالنفي؛ وإزاء هذا أني أرغب طبقًا لمسئولياتي الاستمرار في مهمتي، وقرأت عليه بكل حدة وانفعال، وشعور بالغضب؛ وجهات نظري في التقرير التالي وفى النهاية سلمته نص خطاب تنازله عن العرش، قائلًا له: بأنه يجب عليه أن يوقع هذا فورًا؛ وإلا سأضطر لاتخاذ إجراءات أخرى غير سارة أواجهك بها.
6- تردد الملك فاروق للحظة من الوقت، وهم أن يوقع خطاب التنازل عن العرش لولا أن اعترض حسنين متداخلًا  (باللغة العربية)، وبعد لحظة مشوبة بالتوتر انتبه الملك فاروق الذي روعه التهديد تمامًا، وطلب منى بنبرة حزن وتخلو من تبجحه السابق، أليس بإمكاني إعطائه فرصة أخرى؟ وقد أجبته: يجب أن أعرف بشكل قاطع ماذا تقترح ردًا على ما سبق أن كررته مرات عديدة وبشكل قاطع؟
وقد أجابني: بأنه سوف يستدعى النحاس في الحال، وفي حضوري إذا أردت، وأكلفه بتشكيل الوزارة، وقد أكدت عليه بوضوح بأنه يقصد حكومة النحاس وباختياره هو شخصيًّا وتعمدت التردد لبرهة من الزمن، قلت في النهاية متأثرًا بالرغبة في تجنب التعقيدات المحتملة في البلد وشعرت بميل الى أن أعطيه فرصته الأخيرة بيد أن تصرفه يجب أن يكون فوريًّا
 وهذا نص الحوار في تلك المواجهة:
ولقد أجاب الملك فاروق بانفعال شديد: تقديرًا لوضعي ولمصالح الدولة سوف يستدعى النحاس فورًا.
7- وقلت له أني موافق.
8- ثم بعد ذلك حاول الملك فاروق برغم الآمه النفسية أن يتظاهر بالود والبشاشة، ثم بعد ذلك شكرني بصفة شخصية لأني دائمًا أحاول مساعدته.
9- ثم بعد ذلك تركناه، ومررنا عبر الممرات المليئة بالضباط الإنجليز وخدم القصر، والذين كانوا منتشرين مثل الدجاج المنزوع في القصر.
وفي مدخل القصر حيث يوجد مجموعة من الضباط في كامل استعدادهم العسكرى؛ رشاشاتهم الآلية، وأصابعهم على زناد الإطلاق وبمجرد أن مررنا من أمامهم، أديت لهم التحية العسكرية، والشكر وقد مررنا وسط كوكبة من المصفحات والدبابات، وهى على أهبة الاستعدادات العسكرية، وسوف أسجل شكرى و امتنانی لمثل هذه الترتيبات العسكرية العالية الكفاءة، وكانت القوات العسكرية في كامل لياقتها العسكرية.
10- عدت ثانية إلى دار السفارة وطلبني تليفونيًّا حسنين سائلًا ما إذا كان في إمكان القوات المسلحة أن تنسحب من مواقعها حول القصر حتى لا تعوق حضور النحاس باشا إلى القصر، وقد وعدت أن أنظر في هذا الشأن.
وبعد نصف ساعة حضر إلى دار السفارة النحاس بعد أن كان قد ذهب إلى القصر لمقابلة الملك فاروق الذي نفذ كل ما وعدني به، والملك فاروق كان حقيقة قد كلف النحاس لمقابلتي ويعرفني بكل ما تم.
وقد تمت بيننا مقابلة مرضية بحضور وزير الدولة ( رئيس مجلس الدفاع عن الشرق الأوسط) وكنت قد اتخذت كل الترتيبات لعودة القوات المسلحة من قصر عابدين؛ حتى يتمكن النحاس من تشكيل حكومته، وليعقب هذا أحاديث عمل، ووافق النحاس بكل صدق بضرورة التخلص من العناصر السيئة داخل القصر، وقد أعربت عن رغبتي أن أبقى قدر الإمكان وراء الكواليس وأن أدعه ينفذ بنفسه التدابير الضرورية.
11- وحقيقة نظرا لتطور الأحداث في المساء، فإني كنت غاية في السعادة والرضى، وقد وضعتنى تلك الأحداث في موقف لا خيار فيه أمام إصراري على خلع الملك عن العرش، ولكن دواعي الحكمة جعلتني أصل إلى إعطائه فرصة أخرى في استدعائه للنحاس، فلو كان قد وافق على موعد الساعة ٦ مساء؛ فقد كنا قبلنا هذا الحل، ولكن الحقيقة أن موافقته جاءت متأخرة ثلاث ساعات، فإن هذا كان بالكاد يبرر العقاب الرادع بطرده من عرشه، وبرغم هذا فإن ما حدث جعل موقفنا قويًّا أمام الرأى العام في مصر والخارج.
وزيادة على ذلك كنت على يقين فيما يتعلق بالملاحظة التي أثارها وزير الدولة قبل مغادرتي السفارة، حينما حثنى وزير الدولة الجنرال ستون بأنه يجب علينا أن نتصرف تصرفًا حضاريًّا لتجنب أي عواقب وخيمة والتي قد تحدث من قبل القوات المسـلحة البريطانية المحطية بالقصر ( وقد أخذت بهذا الرأى) ومن المؤسف كان يبدو أن المسار الصحيح للأحداث إذا أخذنا كل الأمور في الاعتبار قبول استسلام الملك فاروق مع قبوله دون قيد أو شرط لمطلبنا الذي عقدنا العزم عليه.
زيادة على ذلك نقد حققنا نصرًا تامًا، ولقد كان قرارًا صعبًا ولكني أعتقد في نهاية الأمر أنها خطوة موفقة
12- وأود في الختام أن أسجل هنا تقديرى الحار لوزارة الخارجية للصلاحيات الواسعة التي خولتها إليًّ، وشكري الجزيل أيضًا إلى وزير الدولة نظرًا لدعم موقفى ومساندته لي في مثل هذا الموقف بالنصح.
وعندما عدت إلى دار السفارة وجدت جمهرة من الناس مودون سماع نتائج هذه المواجهة، وكان أوليفر ليتلبتون سعيدًا جدًا، ولكن بدأ يسائل نفسه عما إذا كان على صواب فى عدم تمسكنا فيما عقدنا العزم عليه بحتمية خلع الملك، كان سلوكا مقبولا أم مرفوضًا.
 وقد أخبرته أنى لست نادمًا على أي عمل قمت به في حياتي إلا عندما شاهدت الملك فى اللحظة الأخيرة؛ وقد سيطر الانهيار عليه في حين بقيت على موقفى من رباطة الجأش، ومن ثم فقد تصرفت بحكمة في مثل هذه الظروف.
وحقيقة لقد كان هذا الغلام ( يقصد الملك فاروق) تحت سيطرتنا تماما، وقد صدم أكبر صدمة فى حياته؛ في إجباره على قبول النحاس وإني آمل بل وأعتقد بأننا سوف نكون قادرين على قصقصة جناحيه، وتقليم أظافره، بالإضافة إلى القضاء على المؤثرات السيئة وبهذا نستطيع تطويعه لصالحنا في المستقبل.
وأعتقد أنه من الأفضل أن يكون على اتصال بنا لمقابلتي، لإزالة أى أثر لسوء الفهم بيننا، ولذلك فقد أخبرني أنه قام بتنفيذ أوامر الملك فاروق دون إرجاء وهكذا بعد محادثات جرت فيما بيننا في الردهة مع كل من: دوف کوبرس وأوليفر ليتلبتون ووالتر منكتون وبقية الضباط العظام، وقد اعترفوا جميعًا بأننا الآن في نهاية الأيام الكئيبة، ولكن الأمر بالنسبة لي فإن المشكلة مازالت قائمة؛ إذ أنني سوف أكون مشغولًا بكتابة تقرير مطول وأبعث به الى وزارة الخارجية، والتي سبق أن نسختها عند تدوين مذكرات اليوم.
الخميس 5 فبراير، القاهرة:
طلبت حسین سری تليفونيًّا قبل الساعة 9 صباحًا، وسألته عن رأيه الشخصى عما حدث بالقصر ليلة أمس، وعرفني بأنه كان يتوقع أن يحدث هذا، وقد وصل إلى القصر الساعة ٩,٣٠ مساء و شاهد القوات المسلحة البريطانية، وقد صدم من هول هذا المشهد وقد أدرك أن هذا الغلام ( يقصد الملك فاروق) قد تأثر كثيرًا بهذه المواجهة الحادة، وأنه يعتقد أن ما حدث كان الدرس الأول لإصلاحه ووضعه على الطريق السليم، والملك فاروق كان في أشد الاحتياج إلى مثل هذه الطريقة، وأنه لا شك كان سعيدًا بأنه مازال متربعًا على عرشه حتى الآن.
وقد سألته عما إذا كان الملك فاروق قد أخبره عما كانت تتضمنه وثيقة التنازل عن العرش؟
وأجابني سري: أن الملك لم يقل له شيئا، ولكنه يرى في مرة أخرى أنه سوف يسأله بشكل مباشر عن هذا الموضوع.
ثم نزلت إلى مكتبي في وقت مبكر لمقابلة أمين عثمان الذي طلبته الحديث معه في أمور عامة، وقلت له أنه يوجد موضوع  أو موضوعان أود أن تقنع بهما النحاس منذ البداية
الموضوع الأول: كنت على يقين أنه يسعى إلى تعيين حسین سري رئيسًا للبلاط في القصر؛ فإن وجوده سوف يكون له تأثير خاصة أنه وفي مخلص لنا في هذا الموقع، بالإضافة إلى أنه يتمكن من كبح جماح هؤلاء المستشارين المحيطين بالملك، ويعطيه هذا المنصب سندًا قويًّا يستطيع بمقتضاه أن يتصرف بكل حرية.
الموضوع الثاني: يجب اقصاء حسنين من رئاسة البلاط، ويعين في وظيفة كبير ياوران البلاط، وهو مؤهل لهذه الوظيفة بدرجة عظيمة.
وقد أكد أمين بأنه سوف يقنع النحاس بهذين الموضوعين حتى يكون هذا من تفكير النحاس مباشرة وليس منى، وقد وافقته على هذا الرأي، وقلت حينئذ: بأن أولى الأعمال التي يجب على النحاس أن يمارسها كانت استبعاد عبد الوهاب طلعت من القصر، كما يجب تطهيره كذلك من الإيطاليين.
وعن هذه الموضوعات السابقة، فقد وردت إلى التعليمات الصريحة الواردة من لندن، وقال أمين: بأنه سوف يقنع النحاس بهذا أيضًا.
ومما هو جدير بالذكر أن أول شيء تلقيته هذا الصباح، هذه الرسالة الشخصية التي وردت إليًّ من أنتوني إيدن: " إنني أهنئك بكل حرارة، وأحيى فيك إصرارك وعزمك، وحزمك وتنفيذك لتعليماتنا على الوجه الأكمل ..».
ولقد كنت أعاني من رد فعل هائل وندم بأني لم أخذ في الاعتبار بنصيحة أوليفر ليتليتون- والتي كانت صائبة جدًا- وأطرد هذا الغلام ( يقصد الملك فاروق) الليلة الماضية، ولكن من الانصاف أن أعترف بأني كنت أشعر بوخز الضمير، ومن ثم فإني لا أستطيع أن القى اللوم كلية على أوليفر ليتليتون، وقد اعترف السير لسكرتيره الخاص صباح 5 فبرابر بأنه كان يعتقد أنه ارتكب خطأ فادحًا بعدم إصراره على تنحية الملك عن عرشه.
وجدير بالذكر أن أعترف مهما كان الأمر بأنه هو الذي أثار هذا التساؤل أثناء تناول العشاء، وأنه بالتأكيد هو الذي قلب الموازين من أجل العفو عنه كما أتاح له الفرصة للإفلات من هذا المأزق الذي وضع فيه، وعلى أي حال لم يعد الندم مفيدًا.
وأكثر من هذا فإني أتوقع في نهاية الأمر أنه من الحكمة أننا سلكنا طريقًا أكثر حكمة، وهذا هو قصدي .. لقد جيء بحزب الوفد إلى الحكم، وأتوقع بأن أول خطوة سوف يتخذها الحزب هو عدم إثارة موضوع تنحية الملك عن العرش، أو بمعنى آخر تقليم أظافر القصر ووضع حد لتدخل القصر في كل مشكلة صغرت أو كبرت، ثم هناك مشكلة هامة تشغلني وهى على جانب كبير من الأهمية فالسياسة المصرية تعتمد على ركائز ثلاث هي: القصر والوفد ونحن، وإذا طغت إحداها على الأخرى لحدث اختلال التوازن بشكل تلقائي.
باختصار فإنه سيأتي الوقت الذي نتمكن فيه بكل بـساطة أن نستخدم القصر في وضع حد لتطرف حزب الوفد وكبح جماحه.
وإني أعلم أن هناك حلًا لهذا؛ وأعنى أنه إذا كان قد تنازل عن عرشه، فإننا بدون شك سوف ننصب مكانه محمد على ملكًا على البلاد وسوف يكون مناسبًا، إلا أنه لسـوء الحظ فإن حياة الأمير لم تكن تتسم بالصلاح والفضيلة، وكما قلت ليس هناك مبرر للشكوى الآن، ونحن لازلنا نواجه الفساد في بل وبدأ يستشرى بداخله، وإذا تدهورت علاقاتنا به؛ فإن سوف ينتهز الفرصة لكي يطعننا من الخلف، وهذا أمر محـتمل جدًا بالرغم من أني أعترف بأنه من المستحيل أن يعي الدرس، ولكنه بالنسبة لي فإنه من المؤكد أني لقنته درسًا قاسيً؛ يزداد كرهًا وبغضًا لنا، وقد نواجه بقرار متسرع قد يفضي إلى الصراع معه".
وأظن أن ما سبق نقله من مذكرات السي مايز لامبسون هو أدق ما كتب عن حادث 4 فبراير؛ وذلك لأن لامبسون هو بطل الحادث تخطيطًا وتنفيذًا، والموضوعية والدقة فيما حكاه لامبسون لا سيما وهو يقدم مراسلات رسمية لحكومته في لندن، ولأنه الطرف القوي وليس الطرف الضعيف.
لقد كانت نتائج حادث 4 فبراير على الملك فاروق مروعة؛ أثرت في سياساته وأفكاره بل وفي شخصية الملك فاروق وصفاته، وكانت نتائج 4 فبراير على مصر كبيرة وعميقة، كانت نتائج ذلك الحادث على النحاس والوفد كارثية بمعنى الكلمة.
المراجع:
مذكرات اللورد كليرن- الجزء الثاني- ترجمة الدكتور عبد الرءوف أحمد عمرو- الهيئة المصرية العامة للكتاب.
نزلوها واقرأوها من هنا.
جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي
تعليقات