من موضوعاتنا:

البيان الأول لثورة 23 يوليو 1952 م- النص وتفاصيل إذاعته

يعد يوم الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 م من أهم الأيام في تاريخ مصر والأمة العربية بل والعالم أجمع؛ إذ أعلن فيه قيام حركة الضباط الأحرار في مصر والتي سميت
البيان الأول لثورة 23 يوليو 1952 م
نص البيان الأول لثورة 23 يوليو 1952 م وتفاصيل إذاعته.
الثورة بعد ذلك، تلك الحركة التي غيرت وضع مصر وساهمت في تغيير وضع العرب وأفريقيا بل العالم الثالث، بل أثرت في الوضع العالمي برمته، وكان أول شيء عرف به الشعب المصري والأمة العربية قيام الحركة المباركة أو الثورة هو بيان 23 يوليو 1952.
وقد صدر بيان 23 يوليو 1952 من اللواء محمد نجيب بصفته القائد العام للقوات المسلحة موجهًا إلى الشعب المصري، تناول البيان الفترة الأخيرة للمملكة المصرية وما اتصفت به من رشوة وفساد وعدم استقرارٍ للحكم، وتحدث عن حرب فلسطين وأسباب الهزيمة فيها، وسوء حال الجيش المصري وأسباب ذلك الوضع المأساوي له، وتحدث البيان عن قيام الضباط الأحرار بتطهير أنفسهم وتولي رجال ثقاة منهم القيادة فيهم.
وتناول بيان ثورة 23 يوليو وضع الضباط المعتقلين، وتحدث عن تأمنيهم وحمايتهم، وأنه سوف يتم إطلاق سراحهم في الوقت المناسب، وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل، وقد كان من كبار قادة الجيش المعتقلين اللواء علي نجيب أخو اللواء محمد نجيب قائد الحركة، والفريق محمد حيدر خال الصاغ ( الرائد) عبد الحكيم عامر الرجل البارز في قيادة الضباط الأحرار.
وطالب البيان جموع الشعب باحترام القانون وعدم القيام بالتخريب أو أعمال ضد المصلحة العامة للشعب، وحذر من القيام بأي أعمال تمس الأمن والمصالح العامة، وطمئن بيان ثورة 23 يوليو الأجانب المقيمين في مصر على أرواحهم ومصالحهم.
كان البيان مختصًرا ومقتضبًا، وتناول الحدث مباشرة، ولم يتحدث عن موضوعات عامة كالفقر والديموقراطية وانتهاك دستور 1923 ولم يتحدث عن المستقبل مثل طرد الملك فاروق أو الإصلاح الزراعي أو غيرها.
أما عن 

تفاصيل إذاعة بيان 23 يوليو 1952

حضرت إلى دار الإذاعة قوة من الجيش بقيادة أنور السادات؛ وقد كلف السادات بذلك لأنه ضابط إشارة ويجيد القراءة الصحيحة المضبوطة، قال السادات لفهمي عمر: أنه سيجري تغييرًا في برامج الإذاعة؛ لأن هناك بيان مهم يريد إلقاءه، فوافق فهمي عمر على الفور قائلًا: الإذاعة تحت أمرك. هل رفض الملك فاروق قتال الجيش وإراقة الدماء في يوليو 1952 
دخل السادات الاستديو، وكان يعتزم إذاعة البيان بعد الموسيقى العسكرية التي تعقب افتتاح المحطة الذي كان ينتهى في السادسة واثنتين وثلاثين دقيقة، لكن فهمى عمر علم من المهندسين أثناء إذاعة الموسيقى العسكرية بأن الإرسال قد قُطع من محطة "أبو زعبل"، ولمَّا علم السادات خرج من الاستديو، وأبلغ الموقف للقيادة، عاد الإرسال قبل بدء النشرة الصباحية وقد كان ذلك مناسبًا؛ لأن البيان سيتلى بعد في موعد تحقق فيها الإذاعة استماعًا جيدًا من المواطنين. 

وعندما كانت تدق ساعة القاهرة وقتها معلنة النصف بعد السابعة، تأهب فهمى عمر لتقديم أنور السادات بالصفة- التي طلبها منه- وهى أنه مندوب القيادة؛ فقد رفض أن يقدمه باسمه، وبعد إجراء التقديم، قرأ السادات البيان الأول للثورة، في مستهل نشرة الأخبار، واستغرقت تلاوته دقيقتين ونصف، واختتم القراءة بذكر موقع البيان اللواء أركان حرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة.
واستمر فهمى عمر في قراءة نشرة الأخبار، التي كان معظمها خاصا بمراسم تشكيل وزارة نجيب الهلالي، ومقابلات الملك مع رئيس الوزراء والوزراء، وكان المذيع قد سأل السادات قبل قراءة النشرة: هل يحذف منها شيئا؟ ليجيبه السادات: " لا.. اقرأها كلها كما هي".
ترك أنور السادات البيان بعد قراءته لأحد الضباط، القائمين على حراسة الإذاعة، وعاد إلى مبنى رئاسة الجيش، ولم يتم تسجيل البيان عند إلقائه في المرة الأولى بصوت أنور السادات؛ لأنه لم يكن معروفًا لدى الإذاعة وقتئذ نظام التسجيل بالأشرطة البلاستيك، بل كان التسجيل يتم بأشرطة صلب بماكينات كبيرة وصغيرة، ويبدأ التسجيل بعد وصول المهندس المختص بعد الساعة التاسعة صباحًا يوميًّا.
وبعد مغادرة أنور السادات دار الإذاعة بعد إلقائه البيان الأول كثرت الاتصالات مع الإذاعة؛ لإعادة إذاعة البيان؛ نظرًا لأن فئات عديدة من الشعب، لم تتح لها فرصة الاستماع إليه، وعندما استأنفت الإذاعة إرسالها في فترة الضحى- التي تبدأ في العاشرة صباحًا وتنتهى في الحادية عشرة والنصف- وصل المهندس أحمد عواد المختص بالتسجيل، وطلب المذيعون من أحد الضباط، القائمين بالحراسة إلقاء البيان بصوته؛ ليسمعه أولئك الذين فاتهم الاستماع إليه في الفترة الصباحية.
تقدم الصاغ محيى الدين عبد الرحمن وألقى البيان على الهواء مباشرة في العاشرة صباحًا، وتمكن المهندس أحمد عواد من تسجيله وبدأت محطة الإذاعة تذيعه على فترات ليسمعه أكبر عدد من المواطنين.
لكن قراءة الصاغ محيى الدين عبد الرحمن كانت مليئة بالأخطاء اللغوية إلى الحد الذي آثار حفيظة الكثيرين، وجعلهم يتصلون بالقيادة لتدارك الموقف، وبالفعل اتصلت قيادة الحركة بالرائد محيى الدين عبد الرحمن، وطلبت منه وقف تلاوة البيان بصوته فورًا، وتكليف واحد من المذيعين بتلاوة البيان بطريقة صحيحة، وكان أول مذيع، يقرأ البيان بصوته هو المذيع صلاح زكى، كما أذاعه المذيع جلال معوض بصوته في نشرة أخبار الثامنة والنصف
ولم يسجل البيان، بصوت أنور السادات إلا خلال الاحتفال الذى أُقيم بمناسبة مرور ستة أشهر على قيام الثورة في يوم 23 يناير 1953.

نص بيان 23 يوليو 1952 م

« من اللواء أركان الحرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة إلى الشعب المصري:
اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين.
وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها.
وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.
أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب.
وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل، وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال.
وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونًا مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم والله ولي التوفيق".
المراجع:
قصة ثورة 23 يوليو- أحمد حمروش- مكتبة مدبولي- القاهرة.

جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي
تعليقات